آخر المواضيع

الخميس، 3 يناير 2019

فتاة الإشارة الحمراء


حين يكون للإشارة الحمراء فتنة تسلب الأنظار ، معنى ذلك أن هالة الملل التي ترتدينا إزاء انتظارنا تتلاشى ..
وذلك التبلد الذي يتلبد بنا يذوب لكن متى سيكون ذلك وكيف ؟
مالذي يمكن أن يذهب بنا بعيداً عن ترقب تلك الحُمرة وهي تتباطأ كثيراً حتى تغمض جفنها تماماً إيذاناً للعين الخضراء أن تفصح عن إطلاق سراحنا ؟
لعلنا سنحتاج لإعلان مميز مثلاً يشد انتباهنا على شاشات العرض المخصصة لوجوم العيون عند الإشارات .
أو أن نراقب عاملاً في أحد المحلات المجاورة ، أو أحد المارة على أرصفة الطريق ، أو بائعاً متنقلاً من سيارة لأخرى ، أو جيبٍ لشحاذ يقف أمام نوافذنا ( مهترئ وشبه ممتلئ ) !
لربما كان ذلك سينجح في إخراجك من حالة الملل لكنه سرعان ما سيزج بك إلى دوامة الفضول.. ترى ماذا يعمل ذلك العامل هناك وإلى أين يتجه هذا المارّ ، وكم يكسب هذا البائع وكم يكتنز ذلك الشحاذ ؟
وكثير من الأسئلة التي لا يفك احتدامها في ذهنك إلا أبواق السيارات حولك التي تقول لك بلغتها الغاضبة أن الإشارة أصبحت خضراء وعليك أن تنطلق ..!
منذ يومين وبينا أنا في طريقي إلى مقر عملي في سيارة مظللة النوافذ حيث فسحة النظر بلا حدود ولا قيود ، فلست تخشى على عينك من أن تكسرها عين أخرى تنظر إليها ، ولن تخشى أن تصطدم حملقتك بحملقة أخرى في مكان آخر .
.
لفت انتباهي منظر ليس بالجديد ولا يكاد أن يكون غريباً !
فتاتان تسيران على رصيف الشارع العام إزاء المحلات التجارية المرتصة على جانب الطريق الأيمن .
إحداهما ذات قوام ممتلئ تلبس العباءة المطرزة (المخصرة ) تمشي بأناة أجبرها عليها كعبٌ عالٍ ترتديه ،
وساق قد ضاقت ذرعاً بما التصق بها تماماً من قماش ( الجينز ).
.
سألت الله لي ولها الهداية والصلاح ثم أشحت بوجهي للأمام حيث اصطدمت عيناي تماماً بالإشارة الحمراء ..!
ما يعني أن عليّ أن أقضي هذه الدقائق القادمة بما يشغلني عن انتظار الوهج الأخضر
التفتُّ يميناً حيث كانت السيارات تقف بجانب سيارتنا تباعاً ..
ولكن سرعان ما لفت انتباهي أمر آخر حين رأيت السائقين على الجهة اليمنى !!
فما إن يقف الواحد منهم إلا ويلتفت مباشرة باتجاه النافذة على يمينه لكن ليس هناك ما يستحق النظر !
لستُ أرى سوى محلات عقارات ومقاولات مغلقة نهاراً !
.
وبفضول شاركتهم النظر أيضاً لليمين ولكن باتجاههم هم ، أرقب كل سيارة على حدة وأنتظر أن يعودوا بأبصارهم لترقب الإشارة أو حتى للانشغال بأمر آخر كالنظر للجوال مثلاً ، أو تفقد بعض أمور السيارة الداخلية .
لكن لا شي من ذلك !
إنه التركيز والترقب باتجاه اليمين فقط
فركزت عليهم بشدة وترقبتهم بعجب ! ثم لم تلبث النصف دقيقة التالية أن أفصحت عن الأمر
وظهر لي مالذي انتظروه وترقبوه !؟
إنها تلك الفتاة التي ذكرت .. لقد رأوا ما رأيته ..! وانتظروا أن تمرّ الفتنة عن قربٍ ، وهي تمشي على الرصيف المجاور ..
.
و فعلاً مرت وقد قطفت كل تلك الأبصار وزرعتها على ذلك الجسد الفاتن وقد تثاقلت بها الخطى بعد أن حملت خلفها كل تلك النظرات والحملقة !!
.
الإشارة خضراء الآن
لكن السائقين يرتعون في إشارات أخرى .. !
.
ما لبثوا أن أيقظتهم تلك الأبواق المتزاحمة لينتزعوا أبصارهم عنوة من تلك الفتنة العابرة ..
ترى هل كانت تدرك تلك الفتاة كيف و كم جَنت من أوزار بمثل هذا اللبس وتلك العباءة والمشية ؟!
مضى بي السائق الذي ما كان ليرفع بصره عن هاتفه المحمول دون أن يدرك كل ذلك الفضول وتلك الفصول .
وعيني مازالت عالقة بين تلك المسافة التي تفصل بين الفتاة وجمهرة العيون التي تحدق بها
مضيتُ ومضت ومضوا
واستغفرت لي ولها ولهم .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

من أنا

authorمرحبا، مدونتي تضم مقالاتي وخواطري وبعض أبياتي ومختاراتي أهلاً بكم
المزيد عني →

التصنيفات

التسميات

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *