آخر المواضيع

الجمعة، 4 يناير 2019

” المتسللون إلى جيوبنا “

لله يا محسنين
.
.
عبارة استجداء .. كانت ترحل بنا إلى الآخرة واستشعار الثواب العظيم ، والأجر الجزيل عند الله ، وجزاء الإحسان للإحسان والمحسنين، فكنّا لا نتردد أبداً في أن نضع في موازيين آخرتنا بعضاً من أموالنا ، وفي صحائف أعمالنا معروفاً وصدقة . حين كان المتسول لا يخرجه للتسول إلا شح ماله وضعف حاله وحيلته ، فيخرج منكسراً منكساً ناصية العفة، وجبينها يعرق حسرة تفوح بحاجته وشدة فقره! تضع قلبك في يده قبل مالك وتدعو الله أن يرزقه ويعفّه، ثم تمضي شاكراً نعمة ربك عليك وأن فضلّك على كثير من خلقه تفضيلاً..
.
ولكن ولأننا أمة رحيمة تؤتى من قلوبها ، وجد بعض لئام الأثرياء في التسول طريقة سهلة جداً وميسرة لزيادة ثرائهم وتضخيم أرصدتهم، عن طريق العزف على نياط العاطفة في قلوبنا والذي يبكينا فوراً ويشجينا، فنفضّ تلك الأسوار العصية إلى قلوبنا ونفتح لهم بكامل رضانا واقتناعنا كل الأقفال الموصدة إلى جيوبنا وأموالنا .
.
حين استبدلوا النصف الآخر لصورة الفقر، بنصف صورة مهترئة بالمرض “والإعاقة” وضاعفوا أساليب الاسترحام ، بأن وضعوا أمامك مشهداً درامياً لطفل ( مستأجر) فقد أطرافه كأسوأ فقدٍ يفقده بعد استغاثة الفقر التي تنبئ بها عيناه ويرثيها رثّ ثيابه ..وبعد فقده رحمة من باعوا مرضه وحاجته ، ثم فقد كرامته! حين اقتيد قسراً لجزّ عنق طفولته وهتك براءته وليكون ضحية للاستغلال وجمع الأموال ..
.
أو امرأة هناك ، هي بين الحاجة الحقيقية والتي ستُلثم ببعض ما يسد حاجتها نظير جلوسها أمام مسجد أو جامع أو مدرسة أو جامعة، أو بعض المنشئات أو حاويات النفايات! لتجمع ما يلقى إليها من أموال وبطاقات..ثم تسّلمه لأرباب الأموال أولئك الذين يلوون ذراع حاجتها بأمرٍ أو بآخر !
.
وأخرى تستأجر وليداً في مهده وتلفه في ثياب بالية لتجول به في الطرقات والإشارات ، في شدة حرّ الصيف أو في زمهرير البرد تكسر بصورته بين يديها قلوب الأمهات والآباء.
فلا يعلم معنى أن يكون لك وليدٌ جائع أو مريض يتلوى من البرد أو يبكي لسعة الحرّ إلا قلوب الآباء ورحمة الأمهات تلك الرحمة التي انتزعت تماماً من قلب هذه المتسولة التي تستجدي بجسد ضعيف ، وتستعطف بروحٍ بريئة ، وتسترحم ببكائها ، لتجمع عشرات المئات!!
.
ولا يكون لهذا المولود منها نصيب سوى رصيد البكاء والألم والبرد الذي نراه في تلك الصورة .
أكاد أقول أن هذه الصور للتسول التي تمتد خلفياتها و تختلف أساليبها وتتكاثر هي نتيجة لتساهلنا في منعها وردع القائمين عليها ، بعدم النظر إليها أولاً ، ثم بالتبليغ عنها الجهات المختصة .
فهذا الطفل المعاق المستأجر ، وذلك الرضيع المكلوم أحق بالرحمة من مشقة التعب الذي يلاقيه و ( البهذلة ) التي يجدها في الشوارع والمحطات.
.
( فالمتسول المستأجر إن لم يعد لمستأجريه بمال من التسول هم بالتأكيد لن يستأجروه من جديد )
.
أعجبني موقف تحكيه لي إحدى الأخوات تقول أن زوجها إن رأى مثل هذه الحالات يبادر فوراً بشراء الطعام وبعض الاحتياجات المنزلية ، وإعطائها لهؤلاء المتسولين والمتسولات..
.
هو بذلك يستطيع تجاوز تلك الصورة بدون تأنيب ضمير فلا يحرم نفسه الأجر ولا يحرمهم الخير، في الوقت الذي لا يدعم فيه الأثرياء من خلفهم الذين لا حاجة لهم في مأكل ولا ملبس وإنما هدفهم الذي يسعون إليه هو جمع الأموال وملء الخزائن .
.
.
فلنحرص على ألا نضع فيها ولو ريالاً واحداً، وأما الصدقة فوجوهها متعددة ، والناس المتعففة أحق بمالك وصدقتك .. تذكر ذلك !


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

من أنا

authorمرحبا، مدونتي تضم مقالاتي وخواطري وبعض أبياتي ومختاراتي أهلاً بكم
المزيد عني →

التصنيفات

التسميات

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *